الجمعة، 27 أغسطس 2010

هل تذكرون "فرمان" ؟







.. وكأن الأيام تعود بنا للوراء عندما كانت جدة تغرق.. حينها كان (فرمان) يخوض وسط السيل الجارف.. ينتشل 14 إنساناً، ثم تجرفه السيول ويغرق رحمه الله.. (فرمان) أسطورة تنتمي لباكستان الحزينة التي أشرعت أراضيها وأجواءها، وسخرت طاقاتها لمد يد العون للغرب في حربه على الإرهاب.. أتساءل:


ما الذي لم تفعله باكستان، وما الذي كان بيد حكوماتها وبخلت به لتنفي عن نفسها تهمة الإرهاب، أو حتى التخاذل في الحرب عليه؟. لقد حجبت طائرات الغرب شمسها، وملأت بوارجه سواحلها، وسدت شاحناته طرقاتها، ثم ماذا؟، ها هي تغرق تحت مرأى الأقمار الصناعية الغربية وطائرات التجسس والطائرات دون طيار والكاميرات الدقيقة التي قالوا لنا يوماً أنها تستطيع التقاط رقم قميصك، لكنها لم تستطع حتى الآن رصد طوفان ابتلع أربعة ملايين منزل، وشرد أكثر من عشرين مليون إنسان.. باكستان تئن جوعاً بين آلاف الشاحنات التابعة للناتو، والمحملة بعلب الشكولاته والبسكويت والمشروبات والسجائر الفاخرة.


يقول مسؤول غربي: أوصلنا لباكستان طائرتين محملتين بالمساعدات.. ما أبخل هذا الغرب.. يجلب 1000 طائرة للموت، لكنه لا يستطيع جلب عشر طائرات للحياة.. لإغاثة دولة هي من أكثر الدول وقوفاً معه في حربه على الإرهاب، ومن أكثرها اكتواء بناره.. يا لحضارة هذا الغرب.. إنها حضارة آلة.. ورشة لا مكان فيها للإنسانية ولا للرحمة ولا للوفاء.. الغرب ما زال يؤكد بصفاقة أنه أشرس من مر على التاريخ بخلاً ودموية ولا إنسانية تجاه الآخر، والشواهد حية من البشر والأفلام والصور والوثائق، لا مجرد حكايات، فقد قتل وشرد أكثر من مائة مليون من أبنائه في حربين عالميتين.. وقريباً من هذا العدد في حروب استعمارية للسلب والنهب. فهل يعلم أنه بتخاذله اليوم عن نصرة أقرب أصدقائه.. يجعل أكثر من (160) مليون باكستاني يغيرون رأيهم في نظرتهم للحرب على الإرهاب؟، هل يدرك الغرب أنه بتخاذله يكسب المزيد من الأعداء.. خاصة عندما يبدأ النحيب ودفن الأحبة.. عندما تعلو الاحتجاجات والمطالب بعد العودة للأطلال والخرائب؟.


صحيح أن الغرب لا صديق له إلا المصلحة، ولا مبدأ له سوى المنفعة، إلا أنه الآن ينحر مصالحه بيده.. بتخاذله وبخله، ولن تفلح آلاف المقالات والأفلام والبرامج في تجميل صورته لدى من فقدوا أحبابهم وممتلكاتهم، وفقدوا معها أنوار الغرب في أشد أيامهم حلكة وظلاماً.


وفي النهاية.. ليس لباكستان اليوم سوى الله ثم إخوتها، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية السباقة دائماً لأداء واجب لا منة فيه، وعلى بقية الإخوة خاصة الذين يتاجرون بدماء هذا الشعب التعيس، أو يحاولون إشعال المنطقة أو ملأها بالشعارات أن ينخرطوا مع السعودية وينافسوها في إنقاذ أطفال باكستان ونسائها وشيوخها وعجزتها، فقد ضاقت بهم السبل حتى مات بعضهم جوعاً.. باكستان تستغيث، ولن يقف متفرجاً عليها إلاّ من فقد إنسانيته وضميره، وتلاشى خوف الله من قلبه.


بقلم : محمد الصوياني